السبت، 3 ديسمبر 2016

لاتنسى نفسك وتتعمق في العبودية دون أن تشعر

يسكن دبي منذ أكثر من عام إلا أن شقته الجميلة التي تطل على البحر لا تحوي غير سرير صغير (مؤقت) فقط في الغرفة التي ينام فيها، وهي الغرفة الوحيدة التي يعرفها، أما باقي البيت فلم يجد الوقت الكافي لاستكشافه بعد..

عندما سألته عن سبب ذلك قال لي إنه لم يستطع أن يتفق مع شركة الأثاث - الذي دفع قيمته قبل أكثر من عام - على وقت مناسب ليوصلوا له الأثاث إلى البيت، فعمله يفرض عليه أن يكون موجودًا فيه طوال النهار... وطوال الليل أحيانًا.

أمثاله كثر ممن يظنون أن العمل الشاق والمنهك هو وسام يعلقه الموظف على صدره، أو ميدالية ذهبية يفوز بها الموظف الذي لا يعلم أنه يعيش تمامًا مثلما كان العبيد يعيشون أيام الفراعنة...

فعلى الرغم من أن كل من شارك في بناء الأهرامات كان يجب عليه أن يشعر بالعز والفخر لأنه كان يبني أعظم بناء في تاريخ البشرية إلا أنه في كل الحالات كان يعلم أنه عبد ليس إلا.

كلما عدت من العمل متأخرًا - لأنني أحد هؤلاء العبيد أيضًا - يقول لي ابني سعيد: «بابا لا تذهب إلى المكتب مرة أخرى»

وكلما أتذكر كلماته وأنا في عملي أوقن أنني أغتال أجمل أيام عمري وعمره معًا.

يقضي الموظف منا معظم حياته في الوظيفة إلا أن ذلك قلّما يؤثر إيجابًا على حياته...

فما هي حقيقة العمل؟

والأهم من ذلك ما هي حقيقة الحياة؟

معظم الذين يعيشون الوظيفة يشربون قهوة سوداء (دون سكر) كل صباح، ليس لأنهم مرضى بالسكري بل لأنهم يعلمون أنهم سيصابون به حتمًا في يوم ما...

يشربونها سوداء لينعشوا ذاكرتهم التي خانتهم عندما حاولوا أن يتذكروا من هم أو بالأحرى ما هم..

يفتخرون بأنهم يتحدثون الإنجليزية.. والإنجليزية فقط، وإذا استرقت النظر إلى ملاحظاتهم التي يدونوها خلال الاجتماعات الطويلة تجدها بالإنجليزية أيضًا، حالهم في ذلك حال الغراب الذي حاول أن يقلد مشية العصفور فلم يفلح، وعندما أراد أن يعود غرابًا لم يفلح أيضًا..

عندما دخلت التكنولوجيا حياة الإنسان تفاءل الجميع بها وراهن الخبراء أنها ستكون الأداة التي تنقل الإنسان من الشقاء إلى السعادة، وأن كل شيء سيكون ممكنًا (بضغطة زر)..

إلا أن أحدًا لم يتوقع أن تسيطر هذه الأزرار على حياتنا..

أصبح الموظف الناجح محكومًا عليه بحمل أجهزة الاتصال المباشر بالبريد الإلكتروني(Black Berry)..

وإذا ما سافر فإنه مجبر (اختياريًا) على التأكد من أن غرفته بها خط للاتصال بالإنترنت، بل إن البعض لا يسافر على طائرة إلا إذا كان بها اتصال بالإنترنت..

ومن ملامح هؤلاء أنهم يجلسون في مكاتبهم حتى بعد انتهاء الوقت الرسمي للعمل، لا لشيء إلا لأنهم يشعرون أنه ليس هناك مكان آخر يذهبون إليه، ولو استطاعوا لاستأجروا غرفًا مجاورة تمامًا لمكاتبهم حتى لا يفارقوها يومًا..

عانيت قبل فترة من اختلال في ضغط الدم، فكان يهبط فجأة ومن ثم يعود للصعود المفاجئ، تمامًا كسوق الأسهم، إلا أنني كنت أخسر في كلتا الحالتين..

فعند الهبوط كنت أشعر بأن روحي تخرج من جسدي، وعند الارتفاع كان جسدي يرتعش وكأن أحدًا قد أوصله بتيار الكهرباء..

ركبت الريح على الفور وتوجهت إلى سنغافورة للعلاج - تأكدت قبل الحجز أن غرفة الفندق بها خط إنترنت - وبعد الفحوصات قال لي الطبيب إن جسمي سليم وليس به شيء ومشكلتي هي في عملي وقال أيضًا:

«إذا كنت تعمل لكي تعيش فاعلم أنك تعمل لتموت»

ونصحني بقراءة بعض الكتب المتعلقة بإدارة ضغوطات العمل..

لكل منا أسبابه الخاصة التي تدفعه إلى الاستماتة في العمل، وفي دراسة قام بها مركز دراسات «موازنة الحياة مع العمل» الأمريكي تبين أن هناك خمسة أسباب لذلك:

أولها: أن يكون لدى الإنسان تحد في عمله يريد أن يتغلب عليه.

وثانيها: أن يكون عمله مصدر إلهامه وحماسه في الحياة.

وثالثها: أن تكون العوائد المادية من عمله عالية جدًا أو مرضية..

ورابعها: أن يحب الموظف زملاءه حبًا جمًا لدرجة أنه لا يستطيع أن يفارقهم ساعة.

وآخرها: هو تحقيق الموظف لذاته من خلال إنجازه لمسؤوليات العمل..

وأيًا كانت هذه الأسباب فإنها تؤدي إلى (اشتراكية الوظيفة) أي إشراك الحياة في الوظيفة وسيطرة الأخيرة على جميع جوانب الإنسان.

إن الهدف الحقيقي من الحياة - في رأيي - هو السعادة..

فحتى عبادتنا لله سبحانه وتعالى تنبع من شعورنا بالرضا النفسي تجاه أنفسنا عندما نقوم بذلك، فنحن نعبده لندخل الجنة وبالتالي لتحقيق السعادة، ونؤدي فرائضه لنشعر بالطمأنينة والراحة النفسية ولنعقد سلامًا داخليًا مع نفوسنا.. أي لنحقق السعادة.

وإذا كان كل شيء نقوم به في حياتنا هدفه تحقيق السعادة فلماذا إذن نستميت في أعمالنا التي (يخيّل) لنا أنها ستسعدنا في يوم ما وهي تزيدنا شقاءً يومًا بعد يوم؟

كلما أتذكر هذه الحقيقة أقول في نفسي:

«سأجلس مع أبنائي وأتفرغ لهم أكثر عندما أحصل على ترقية» وها أنا حصلت على مجموعة من الترقيات ولم يزدني هذا إلا بعدًا عن أسرتي وعائلتي... وعن نفسي أيضًا، فبت لا أعرف من أنا ولا ما أريد أن أحققه في حياتي القصيرة.

قبل عدة سنوات قامت شركةIBM بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لطرح برامج توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته، وكان أحد هذه البرامج هو العمل بالإنجاز أو مؤشرات الأداء وليس بالحضور إلى مكاتب المؤسسة، فلا يهم المؤسسة إن كان الموظف على مكتبه في الوقت المحدد أم لا وكل ما يهمها هو أن ينجز عمله في الوقت المحدد حتى أصبح أكثر من 40% من موظفيIBM يعملون اليوم خارج مكاتب الشركة، سواءً من منازلهم أو من مقاهي الإنترنت أو أي مكان في الدنيا.

أما شركة American Century Investments فلقد خصصت ميزانية لشراء أدوات للرياضة المنزلية لكل موظف - دون استثناء - ليستطيع الموظف أن يحافظ على لياقته البدنية وبالتالي يعيش بصحة جيدة، وكلتا هاتين الشركتين تقولان إن إنتاجيتهما ارتفعت بعد تطبيق هذه البرامج التي تسعى لطرح توازن بين حياة الموظف وبين وظيفته.

إذا كنت ممن يطيلون الجلوس في مكاتبهم بعد العمل فأنت عبد جديد..

وإذا كنت حين تضع رأسك على وسادتك تفكر بأحداث يومك في العمل فأنت عبد جديد..

وإذا كان أعز أصدقائك هو أحد زملائك في العمل فأنت لا شك عبد جديد..

الفرق بين العبيد الجدد والعبيد القدماء أن القدماء كانوا مرغمين على طاعة أسيادهم وتنفيذ أوامرهم..

أما العبيد الجدد فإنهم يظنون أنهم مرغمون على تنفيذ أوامر أسيادهم (مديريهم) إلا أنهم في الواقع ليسوا إلا عبيدًا لهذه الفكرة فقط،..

وهم أيضًا عبيد لأوهامهم التي تقول لهم إنهم سيكونون يومًا ما عبيدًا أفضل!!

التقاعد المبكر هو حل اذا تم الاستفادة من كل ساعة تمر عليك في حياتك وكم هي قصيرة حياتك يا أنسان

الأحد، 2 أكتوبر 2016

التخطيط الشخصي الناجح....تعرف عليه.

هل تعرف ما هي قدراتك؟
هل تعلم أن جسمك يتجدد بالكامل كل سنة؟
هل تعلم ان طاقتك تكفي لإمداد مدينة كبرى بالطاقة لمدة اسبوع كامل؟
هل تعلم ان رفرفة خفيفة لفراشة تؤثر على نجم يبعد عنا ملايين الكيلو مترات؟
وأن متر مربع من الطاقة كفيل بأن يبخر جميع محيطات العالم؟
و هل تعلم ان 3 % فقط من البشر يخططون لحياتهم ..و أنك إن لم تكن من المخططين فأنت ضمن مخططات الآخرين؟

كثيرمن الناس اعتاد أن تكون حياته خالية من الإلتزامات, والضوابط!! وبعبارة أدق ـ غير منظمة!! بحجة أن العمل المنظم ـ وهو نوع من الأعمال الجادة ـ وهو بذلك شئ مرهق يجعله غير قادر على الإلتزام طوال الوقت! كما يصاب العديد من الناس بالإحباط عندما لا يجدون الطريق الذي يقودهم إلى مستقبل واعد، والمشكلة أن هؤلاء مع أن الرغبة موجودة لديهم، إلا أنهم بكل بساطة لا يعرفون كيف ومن أين يبدؤون؟ لذلك أغلبهم يشعر بالضياع وكلما بدأ في أمر توقف في منتصفه، وذلك لأنه يفقد ميزة التخطيط والتنظيم في الحياة!

وعلى هذا يجب علينا جميع أن نعلم أن العصر الذي نعيشه ، هو عصر التنظيم والتخطيط لنجاح كل عمل يريده الإنسان في حياته ، وهو زمان حسن الضبط والتدبير والترشيد للأمور والأعمال أكثر من أي وقت مضى.

فما هو التخطيط؟
التخطيط هو النشاط الذي ينقلك من وضعك الحالي إلى ما تطمح في الوصول إليه وذلك من خلال الاستعانة بالخطط و الاسترتيجيات المختلفة.

لماذا لا يخطط كثير من الناس ؟

1-الافتقار إلى الثقة والاعتقاد أن التخطيط هو شئ خاص برجال الأعمال.
2-الافتقار إلى معرفة التخطيط.
3-حب التفلت من التزامات التخطيط.
4- يظن البعض أن التخطيط يتطلب و قتا ثمينا من الأفضل أن نقضيه في انجاز الأمورفالإنسان لديه بالفطرة حب الإنجاز و حصاد الثمار
كل ساعة تخطيط تعادل 4 ساعات إنجاز
5-الاعتماد على الظنون و الأفكار و طول الأمل.
من يعمل بدون تخطيط يقنع بأقل النتائج ومن يخطط لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النتائج

مزايا التخطيط :

1-طريقة عقلانية ومنتظمة لصنع القرارات وحل المشكلات .
2-يجمع بين الخبرة والمعرفة والمهارة، مع توفير الأدوات الملائمة.
3-يساعدك في رسم الصورة المستقبلية بما في ذلك المخاطر والمشاكل.
4-يعينك في معرفة فرص النجاح ومصادر الخطر.
5-يساعدك على وصول محطات ناجحة في حياتك.
6-يحفزك على التفكير في المستقبل بلغة الحقائق والبراهين.
7-يجعلك تتحكم بالمستقبل بشكل قوي.
8-يعينك لتصبح الشخص الذي تتمناه.
فالتخطيط إذاً عمل مرن ومتفتح الذهن يحث على التغيير بشكل مستمر، كما أنه يعطيك انطباعاً عن الصورة المستقبلية .

مسارات التخطيط :

1-التخطيط من الداخل إلى الخارج، ويعتمد عليك وما تنوي القيام به على المستوى الذاتي.
2-التخطيط من الخارج إلى الداخل، ويعتمد بالدرجة الأولى على من حولك من الناس والأحداث، أما أنت فتأتي بالدرجة الثانية .

فوائد التخطيط :

1-يحدد الاتجاه : يحفزك على التفكير المستقبلي.
2-ينسق المجهودات: يعمل وسيلة ربط بين المجهودات والتطلعات.
3-يوفر المعايير: يحدد معايير وأدوات يمكنها قياس التقدم الذي تحرزه.
4-يوضح معالم الطريق: يساعدك التخطيط على تحديد ما تريد فعله والوصول إليه.
5-يجهز المرء: يجعلك على أهبة الاستعداد للتعامل مع الظروف والمشكلات الطارئة.
6-يكشف الوضع: يعطيك صورة واضحة لكيفية التفاعل مع المهام، والأنشطة المختلفة.
7-يحفز المرء: يدفعك التخطيط إلى الأمام، ويقود خطاك إلى أعلى، ويرفع روحك المعنوية، ويحسن رؤاك وعلاقاتك مع الآخرين.

خطوات التخطيط:

1-تحليل الوضع الحالي:هل تريد أن يمر رمضان هذا العام كما مر العام الماضي؟تندم على الأوقات الثمينة التي ضاعت بين لهو و كسل و ضعف في الهمة...اليوم أول أيام رمضان أين أنت من الذكر و من صلاة التراويح و آداء السنن المؤكدة وأعمال الخير..قم بجلسة مصارحة مع النفس واسأل نفسك أين أنا من كل الأشياء التي تهم حقا في الحياة؟

2-تحديد أهدافك:يجب أن تكون لديك أهداف واضحة و محددة و طموحة أيضا حتى في العبادة...انظر إلى عمر بن عبد العزيز و هو يقول إن لي نفسا تواقة..فقد طمح في الزواج من ابنة عمه و تزوجها ..و راوده حلم إمارة المسلمين فصار أميرا عليهم وحين تحققت كل أحلامه قال والآن نفسي تاقت إلى الله...و هذا مثال لطموح غير العالم...من المفيد ان نقرأ في هذا الشهر الكريم سير هؤلاء الطامحين الذين يتركون أثرا في الحياة..

3-تصميم وكتابة سيناريو الحياة:يجب أن تتعامل مع اهدافك بالورقة والقلم ..لا فائدة من خطة بدون ورق...تلك ليست خطة بل فكرة..ابن القيم الجوزي له كتاب رائع (صيد الخاطر)قام فيه بتسجيل كل أفكاره القيمة ...حاول ان تسجل كل فكرة تراودك..فكل فكرة هدية من الله.

التخطيط سر النجاح و أهم من التخطيط أن تكون لك رسالة, أن تحدد وتعرف دورك الحقيقي في هذه الحياة (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)...!!

يرى العلماء أن من يفتقد للرسالة والرؤية الواضحة يكون أكثر عرضة للمشاكل النفسية و الصدمات.

أركان الهدف الواضح: للهدف الواضح 3 أركان رئيسة, هي:

أولاً: القناعة العميقة بالهدف:

يجب أن تكون ليك قناعة تدفعك لإنجاز الهدف والتغلب على الأثر السلبي للمحبطين الذين يقللون من قدر هدفك وإمكانية تحقيقه.

ثانياً: الإبداع.. ضع فكرتك و تخيلها كما يتخيل الطفل أحلامه.

ثالثاً: الإيمان الدائم بالله سبحانه وتعالى, القادر على نصرتك ثم الثقة في قدراتك التي وهبك إياها المولى جل جلاله .

صفات الهدف الحقيقي:
1. واضح كالشمس.... هدفي أن أختم القرآن الكريم.
2. محدد ودقيق... هدفي أن أختم القرآن الكريم خلال سنة إن شاء الله تعالى.
3. طموح.... يجب أن تعقد النية، فإن لم تستطع فلك اجر النية، وإن استطعت فلك أجران.. كان الإمام الشافعي يختم القرآن 60 مرة خلال شهر رمضان.
4. عملي .... أي مكتوب وإجرائي واقعي يناسب تركيبتك الشخصية والفكرية.
5. قابل للتحقيق... يراعي مستواك التعليمي و الاجتماعي..يناسب قدرات و إمكانيات ووضع الشخص.

أهمية وضع الأهداف :
تضع أمام الإنسان نقط اهتمام محددة وتجبره على تحقيقها...فأصحاب الأهداف الطموحة تبدو أهدافهم كخيال للآخرين.

كيف أبدأ التخطيط ؟
- حدد ما هي جوانب قوتك، والتي تتميز فيها.
- حدد جوانب ضعفك.
- تعرف على الفرص المتاحة.
- تعرف على التحديات والمخاطر.

مثال: طالب علم شرعي:
نقاط قوتي: علم شرعي/ أفكار دعوية/ أصدقاء يدعمونني/ الاتصال بالعلماء.
نقاط ضعفي: ضعف الهمة/ غير مخطط/ كثير التسويف/ مزاجي.
الفرص: توجد العديد من التجمعات الشبابية بالإمكان توجيه الدعوة لهم.
التحديات: لا أستطيع/ خائف من المواجهة/ مشغول/ خائف من الفشل.

الخطوات الذهبية لتحقيق الأهداف:
- استعن بالله ولا تعجز ما خاب من رجا ربه.
- اكتب أهدافك في ورقة صغيرة وضعها في جيبك وراجعها كل يوم.
- تخيل... تخيل هدفك وأنك فعلاً حققته.
- التأكيد الإيجابي في زمن الحاضر.
- تصرف كأنك حققت الهدف بالفعل.
- اتبع قاعدة الـ10 سم اقترب كل يوم قليلا من تحقيق أهدافك.
- تحمل مسئولية نفسك وحياتك.
- تقبل التغيير و كن مرناً و ليناً.
- التركيز: ركز على ما تريد تحصل على ما تريد.
- ركز على الأهداف ذات الأولوية القصوى.

أخيراً.. قد تكون خطوتك الأولى في تنفيذ خططك هي أهم إجراء، بل تدفعك إلى النمو والتطور المستمرين؛ لذا عليك أن تعي بدقة ما هي خطوتك الأولى، ومتى تبدأ بها؟

لا بأس أن تكون الخطوة أو المهمة الأولى سهلة نسبياً حتى تكون دافعًا لك لإنجاز المهمات الشاقة، وأخيراً يجب أن تعمل على وصل المهمات بالغايات بعيدة المدى والتي تأمل في تحقيقها.

السبت، 1 أكتوبر 2016

التواصل مع الآخر بنجاح

كثيراً ما نسمع عن عبارات من قبيل: غزو الآخر... التأثير في الآخرين.... الذكاء الاجتماعي.... وهى كلها مرادفات لإمكانية التواصل بفعالية ونجاح مع الآخرين من أجل إقامة جسور الحوار والتفاهم معهم أو إقناعهم بفكرة جديدة، أو حتى تقديم أنفسنا لهم لو كنا نقابلهم للمرة الأولى.

ومن أجل هذا فهذا المقال يوضح أهم النقاط التي تساعد من اجل أن تتواصل بنجاح وتأثير مع الآخرين أو أن تغزوهم... ولكن بحب وذكاء.

ما هو الاتصال?

الاتصال هو التواصل مع الآخر أو بلغة أخرى هو البحث عن أرضية مشتركة بين طرفين أو شخصين، وإيجاد هذه الأرضية المشتركة هو هدف أي اتصال فعال وناجح يسير في الاتجاهين معاً من مرسل الرسالة أو المتحدث إلى مستقبل الرسالة والعكس بأسلوب متفاعل ومتبادل وهو ما يعنى الأخذ والعطاء في نفس الوقت، وعدم الحديث طوال الوقت، والاعتقاد أن هذا اتصال ناجح وفعال مع الآخرين، في حين أن هذا غير صحيح لأنه اتصال من اتجاه واحد يفتقد التفاعل والمشاركة من الطرف الآخر.

وكي يتحقق هدف الاتصال الفعال والناجح وهو الإقناع وإيجاد أرضية مشتركة بين من تتواصل معه فهناك أربعة مراحل يمر بها الاتصال هي:
  - الانتباه -  التحضير - الفهم - استيعاب الرسالة   - الرد - تأكيد الفهم   - التصرف- مرحلة التحدث أو رد الفعل .
وسوف يأتي تفصيل المراحل الأربع في السطور القادمة.

3 عناصر أساسية
وقبل تفصيل هذه الخطوات السابق الإشارة إليها يجب أن تعلم- عزيزي القارئ- أنك بحاجة إلى بعض العناصر الأساسية التي تمكنك من القيام بالاتصال الفعال والمؤثر من أجل الإقناع وهذه العناصر هي المعرفة النظرية ونعنى بها المعلومات والمعارف التي تساعدك على إتمام الاتصال الشخصي بنجاح وتأثير إيجابي كما تريد كأن تكون ملماً مثلاً بمراحل الاتصال الأربعة السابقة والتي سيلي تفصيلها فيما بعد، والعنصر الثاني الواجب توافره هو الخبرة العملية من خلال الممارسة الفعلية للاتصال ومراحله وطريقته الناجحة كما عرفت من خلال المعلومات النظرية، والعنصر الثالث هو الاستعداد المسبق بمعنى أن يكون لديك الرغبة المسبقة من أجل القيام باتصال فعال وناجح وأن يكون لديك الرغبة والإصرار على تعلم كيفية القيام بالخطوات المؤهلة لهذا بنجاح.

وعندما تتوافر لك هذه العناصر الثلاث يمكنك وقتها أن تتحول في كل علاقاتك الاجتماعية لشخص مؤثر في الآخرين ولديك قدرة كبيرة على ما يسمىغزو الآخر أو اقتحام الآخر لأن الاتصال الفعال والممتاز أصبح عادة لديك مما يسهل عليك الوصول للآخر بسلاسة.

أساطير خاطئة

قبل أن تبدأ الاتصال بالآخرين عليك أن تنتبه لوجود بعض المقولات الخاطئة الشائعة التي تقال حول علاقاتنا بالآخرين والاتصال الشخصي المباشر بهم، فما هي إلا أوهام في عقولنا وعلينا التخلص منها هي:

* كلنا نعام كيف نتحدث وكيف نتكلم فطريا ً: فهذا غير صحيح فالحديث الناضج المؤثر في الآخرين له قواعد وأساسيات لابد من معرفتها وممارستها والتدرب عليها من أجل التواصل الناجح والمؤثر.

* الاستماع هو ببساطة عبارة عن الجلوس في صمت وإنصات: لان الاستماع يعنى أن تنتبه بكل حواسك وليس بأذنيك فقط وان تلحظ ما يقوله الشخص بغير لسانه فهناك اتصال غير منطوق يقوم به الشخص من خلال طريقة الوقوف أو تعبيرات الوجه وكلها أنواع من الاتصال.

* الأصم لا يسمع: وهذا خطأ كبير نقع فيه، فالشخص الأصم يكون لديه قدرة كبيرة على الاستماع من خلال حواسه الأخرى التي يقويها الله لديه من اجل أن يعوضه عن الاستماع بالأذن.

* التحدث أهم من الاستماع: فكلنا أثناء أي حوار مع الآخرين غالباً ما نسعى إلى الحديث باستمرار متخيلين أن أهم شيء في الاتصال هو التحدث في حين أن هذا غير صحيح، فالإنصات الصحيح الواعي أهم من التحدث.

المرحلة الأولى: الانتباه

وهى شديدة الارتباط بالاستماع للآخر والانتباه لكل ما يقول بشكل مباشر ومن خلال لغة الحركة والجسد بشكل غير مباشر، ولهذا يجب الالتفات إلى العوائق المبدئية التي تتسبب في تشتيت الانتباه:

  - نحن أساساً لا نريد الاستماع: وهذا خطأ لأن أي شخص يسعى لمحادثة من يستمع له، فحين أترك لمن أمامي فرصة الحديث فهذا يعنى خطوة أولى ممتازة من أجل التأثير فيه.

  - التشويش الداخلي أو المداخلات الداخلية: بمعنى أن تفكر في مشكلاتك الشخصية وظروف حياتك أثناء الحديث مع الآخرين، وكي تنجح في تحقيق الانتباه الكامل في كل شئون حياتك ضع القاعدة التالية أمامك: أنت، وأنا، هنا والآن، أي لا تفكر سوى فيمن أمامك الآن وفى هذا المكان فقط كي لا يحدث أي تشويش على الحديث أو الرسالة التي تسير بينكما.

  - التشويش الخارجي أو المداخلات الخارجية: مثل ضوضاء مزعجة أو إضاءة غير مناسبة أو جو غير ملائم مما يؤثر سليباً على الاستماع أولا ًثم الفهم ثانياً، فحاول ترتيب ظروف اتصال مواتية تساعد على إتمام العملية الاتصالية بنجاح.

  - عدم وجود هدف من الاتصال من البداية : كأن تبدأ الحوار مع شخص وأنت لم تحدد الهدف من الحوار مما يثير حيرة لدى من تحادثه ويظل يسأل نفسه عن سبب الحديث من البداية، فلا تبدأ أي حديث بدون هدف واضح كي لا تكون مملاً في حديثك أو تدعو لحيرة من تحادثه.

ما بين السطور

وهناك أمور لابد من الانتباه إليها أثناء الاستماع أو الانتباه للآخر وهى لغة الجسد فهي تعبر عنا وتوصل للآخرين معاني كثيرة عنا دون قصد وكلما سيطرت على حركات الجسد وتعبيراته أمكنك القيام باتصال فعال ف93% مما نقوله يصل الآخرين من خلال أسلوب الحديث وليس المضمون الذي يحتل 7% من تأثيرك على الآخرين، لذا اهتم كثيراً بالطريقة التي تقول بها الكلام وشكلك وتعبيرات وجهك أثناء الحديث، كأن تبدو مرفوع الرأس، مفرود الظهر، واثق من نفسك من خلال مشيتك، وطريقة وقوفك، واجعل حركة جسدك واتجاهه مواجهة لمن تحادثه لتعطى المعنى بالتفاعل والاهتمام لمن تحادثه، كما يجب عليك أن تتخلى عن حركات الملامسة الذاتية للجسم مثل عقد الذراعين أن ملامسة الوجه، كما عليك أيضاً أن تستخدم عينيك جيداً من أجل التركيز مع من تحادثه مع عدم التركيز طوال الوقت في عين محادثك ولكن اترك20% من الوقت تنظر فيها على الجانبين، كما أن حركات الإيماء بالرأس لها تأثير مهم جداً لإعطاء من يحادثك الإحساس انك منتبه له تماماً وتحثه وتشجعه على مواصلة حديثه مما يجعل الحديث يسير بفعالية وايجابية.

المرحلة الثانية: الفهم
وهى تحتاج منك إلى تركيز شديد، وأول ما يعوق هذه المرحلة هو أن تكون انطباعات أو معارف مسبقة عما سيقوله الشخص الذي تحادثه، فلا تضع أي خلفيات مسبقة كي لا تشوش على ما تستقبله وقت الاتصال وأعط صفحة بيضاء تماماً لتفهم بتروٍ ما يريد الشخص أن يقوله ولا تطلق أحكاماً مسبقة، ولا تفهم ما تريد أنت فهمه، فهذا لا يفيدك بل يقلب الصورة التي تريد أن تفهمها من الآخر، وهنا نشير لأهمية أن تستمع لما لا تقوله الكلمات، بمعنى أن تنصت للأسلوب الذي يقول به الشخص كلامه فنعود بك لأهمية لغة الحركات فهي تدل على شعور الشخص أثناء حديثه، مما يساعدك على قراءة ما بين السطور وحقيقة إحساس الشخص وما يخفيه وكلها أشياء تساعدك علىقراءة الآخرين بمهارة، كما تساعدك على تكوين فكرة جيدة عمن تحادثه بدلاً من مجرد الاستماع للحقائق الصماء المجردة التي يقولها في حواره معك.

وأثناء قيامك بفهم ما يقوله الشخص لك لا تفكر أبداً في رد عليه فأنت فقط تستمع في هذه اللحظة فقد تجهز رداً في حين قد يؤدى بك الحديث إلى مسار آخر تماماً لم تحضر أنت له بسبب تعجلك في تجهيز رد أثناء مرحلة فهمك للحديث بل عليك أن تترو لأن الرد والتفاعل سيأتي دوره في اللحظة المناسبة بعد استيعابك الكامل لكلام محادثك.

المرحلة الثالثة: الرد
واجعل شعار هذه المرحلة اسمح بفترة من الصمت وفى هذه الثواني القليلة تقوم بعملية استرجاع لأهم ما قيل لك وتراجع أهم الملاحظات التي لقطها عقلك، وخلال هذه الثواني تعطى نفسك ومحدثك فترة راحة وجيزة جداً لمدة ثواني معدودة، ويمكنك القيام في هذه المرحلة قبل الرد مباشرة بعملية التأكيد النهائي على الفهم بمعنى أن تؤكد على محدثك أهم ما قاله كأن تقول:افهم من كلامك أن كذا وكذا.. ... يمكننا القول كذا وكذا......وعبارات على نفس هذا النهج، وهذا يعتبر ممهداً للحديث ورد الفعل من جانبك ولها أهمية كبيرة من حيث إفهام محادثك أنك كنت مستمعاً جيداً لكل ما قاله وبانتباه شديد كما أنها تساعدك على إعادة فهم ما قد التبس عليك فهمه أثناء الحديث.

ولكن عليك في هذه المرحلة أن تتفادى التشكيك بكل أشكاله فلا تنقل إحساسك بأنك تشك في كلام محادثك أبداً، ولا تستخدم كلمات توحي بعدم مصداقية ما قاله الآخر، لان هذا يضر بمصلحة التفاعل والتواصل بينكما ويشعر الآخر بالضيق وقد يعوق استقباله أي رسالة أو أي حوار موجه منك له.

المرحلة الرابعة: التصرف رد الفعل أو التحدث
وهى مرحلة التفاعل مع كل ما قيل لك وما سمعته وهناك صفات مميزة للمتحدث الرائع المؤثر في الآخرين نوضحها كالتالي:
  - الإشعاع بالحماس والطاقة: بأن تكون على درجة عالية من الحماس والصدق أثناء حديثك وكأنك تستمتع بكل كلمة تقولها وهذا كأنك تقول أن الحياة مهتمة بك وانك تبادلها نفس الاهتمام، وأن تتحدث بصدق واهتمام.

الذكاء العاطفي

- الذكاء الاجتماعي ويسمى أحياناً الذكاء العاطفي ويقصد به قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم، بمعنى أن تمتلك القدرة على معرفة احتياجات الآخرين العاطفية والنفسية والاجتماعية، وكي تمتلك هذه الصفة المهمة للمتحدث الرائع المؤثر ننصحك ب

اتباع الآتي:

- أن تبدى تعاطفًا واهتمامًا بالآخرين.
- ابد جذابًا وكأنك مشهورًا ولك شعبية.
- عبر عن مشاعرك وأفكارك واحتياجاتك.
- انتبه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
- شجع الآخرين وحفزهم ليقوموا بأفضل ما لديهم.
وعليك أن تهتم بدرجة كبيرة بصوتك أثناء الحديث وركز على خصائص الصوت التالية: السرعة والعلو والنبرة والجودة.

المفتاح السحري

وبخصوص مضمون حديثك فهناك مفتاح سحري لشد انتباه الآخرين وإقناعهم بوجهة نظرك ويمكنك أن تتبع التالي:

* تحدث عن الأهداف المشتركة: فمع تلخيصك للحوار الذي قاله محدثك يفضل أن تبدأ حديثك بتحديد الهدف المشترك بينكما أو نقطة الاتفاق الأساسية فى الحديث فحين تختلف بعدها معه في وجهة النظر أو تريد طرح وجهة نظرك أو إقناعه بشيء جديد يكون مستعداً في هذه الحالة لأنه يعرف أنكما متفقان على بعض النقاط التي بدأت بها حديثك معه.

* استخدم صيغة الجمع وهذا له أهمية كبيرة لإعطاء مدلول المشاركة بينك وبينه علاوة على أنها محاولة بارعة كي تكسبه في صفك من البداية كأن تقول: لقد وصلنا من الحديث إلى كذا.. نحن نريد أن نحقق كذا...

* الاستماع والنقد الذاتي: كأن تعتبر نفسك ممثلاً في مسرح ضخم وتريد أن يكون أداؤك أقرب إلى الكمال، وبالتالي ستسمع نفسك وتأثيرك على من أمامك كل ثانية وتطور من أسلوبك أو تعدله في التو واللحظة.

وبصفة عامة التأثير في الآخرين والاتصال الفعال معهم هو قدرة قابلة للتعلم وقابلة للنمو والتطور فحاول دائماً أن تتعلم شيئاً جديدً مؤثراُ وفعالاً من أجل غزو الآخر.... واجعل دائماً رفيقتك الدائمة الابتسامة الودود لكل من تقابل وتحدث لان لها مفعول السحر في التأثير على قلوب وعقول كل ما تحادثه