.
إن الناجحين يعلمون علم اليقين أن النجاح لابد أن يتبعه نجاح- إن هم أخذوا بأسباب هذا النجاح، ويعلمون أيضًا أن النجاح لا سقف له أي لا حد له، فطالما في الإنسان نبض في عروقه وذهن متقد وعقل يفكر وصحة تمكنه من العمل، فلا مجال إلى التوقف عن الأخذ بأسباب النجاح الدائم.
والناجحون يعلمون أيضًا أن تحقيق أهداف ما يحفزهم دائمًا إلى تحقيق أهداف أخرى، وهم متيقظون تمامًا إلى حقيقة هامة وهي: أن الشعور بالوصول إلى النجاح والاغترار بذلك مثل الشعور باليأس من الوصول إلى النجاح، فالشعور في الحالتين مرفوض تمامًا، لأنه يؤدي بصاحبه إلى التوقف وعدم السعي إلى تحقيق نجاح آخر، أو إلى الإحباط وعدم الأخذ بأسباب النجاح الحقيقية.
1) التخطيط العلمي المدروس المبني على التوافق بين ما أمتلك من قدرات ومهارات خاصة بعملية التفكير، وعلم مكتسب بالدراسة وخبرات مكتسبة من التجارب الحياتية والاحتكاك بالآخر.
وعلى الشـاب- والفتاة- الـذي يريد النجـاح طويل الأمد أن يكتب الخطـة الرئيسية (العامة) الخاصة به، موضحًا فيها الرسالة والرؤية المستقبلية والغايات والأهداف والوسائل التنفيذية التي سوف يستعملها في إنجاز أهدافه.. وهذه الخطة يجب أن تكون لعدة سنوات - عشر سنوات مثلًا، ثم يقوم بتجزئتها إلى خطط فرعية محددة الأهداف والوسائل والمدة الزمنية للإنجاز، مع مراعاة التنسيق التام بين الأهداف الرئيسية والأهداف الفرعية المنشود تحقيقها، ومع مراعاة المرونة التامة أثناء تنفيذ الأعمال المخطط لها، وهذه المرونة هامة جدًا كي لا يصاب الشاب باليأس إذا تباطأ في فترات، أو أصابه الفتور في فترات أخرى، فالنفس البشرية تمل الأشياء بطبعها، ويجب أخذها بالمسايسة وإلا انكسرت وخسر هنالك صاحبها كل شيء، فليعلم الشاب أن من أسباب النجاح في تنفيذ الأعمال المخطط لها، أن هناك فترات تصل فيها طاقاته إلى أعلى معدلات النشاط، وذهنه إلى أعلى معدلات اليقظة، وفي المقابل هناك فترات تقل فيها هذه الطاقة إلى أدنى معدلات النشاط، ويقل فيها التركيز، وهناك فترات وسط، فالإنسان ليس كالآلة تعمل بشكل مستمر، وحتى الآلة لها فترات صيانة، فيجب على الشاب - والفتاة - الناجح أو الساعي للنجاح طويل الأجل أن يعلم أن النشاط مطلوب، والتركيز مطلوب، وأن فترات الراحة والاسترخاء مطلوبة أيضًا لتجـديد الطـاقـة، ومن ثم تجديد النشاط، ونذكر في ذلك ما قاله سلمان الفارسي -رضي الله عنه- إلى أبي الدرداء -رضي الله عنه- عندما رآه يرهق نفسه بكثرة العبادة نصحه قائلاً: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه. فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: «صدق سلمان» (البخاري)، فالتوازن عند التخطيط وعند التنفيذ أمر مطلوب كي تحقق ما تصبو إليه من نجاح طويل الأمد.
2) يجب أن تكون أمامك أيها الشاب - وأيتها الفتاة - تجارب ناجحة طويلة المدى حققها آخرون، كي تستفيد من إيجابياتها، وتتجنب سلبياتها، وتتعلم من تجارب الآخرين، ولعل في تجربة اليابان واليابانيين وغيرهم من الناجحين في القديم والحديث، في جعل النجاح طويل الأمد حقيقة ملموسة أمام الناس -حيث جعلوه هدفًا رئيسيًا لهم- خير شاهد معاصر على أهمية التفكير في النجاح طويل الأمد، فاليابان خرجت مدمرة تمامًا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فلا رؤوس أموال ولا موارد طبيعية، وتتعرض بشكل مستمر لمخاطر الزلازل والبراكين، ولكنها كانت ولا زالت تملك أهم الثروات على الإطلاق، وهي العناصر أو الموارد البشرية، فعن طريق العنصر البشري حققت اليابان نهضتها، حيث استطاعت الدولة أن تغرس في هذا العنصر البشري - مع استعداده الفطري وما تفرضه عليه الظروف لتقبل هذا الغرس - إنشاد النجاح طويل الأمد، فعمل وصبر، وتحمل المشاق، وتحدى الانهيار، ودرس العلوم، وتعرف على خبرات وتجارب الآخرين، واعتمد على ثقافة الادخار حتى يوفر رؤوس الأموال التي مكنته من امتلاك أكبر الشركات في العالم، ومكنته ثقافة النجاح طويل الأجل أن يتحدى كل الصعاب ويتغلب على كل العوائق، والسعي الدؤوب إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية، التي خطط لها بعد تفكير عميق ودقيق، فنجح في ذلك أيما نجاح، نجاحًا أبهر العالم أجمع، وأصبحت اليابان في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًا وعلميًا، مع عدم تفريطها في ثقافتها وحفاظها على تراثها، والأهم حفاظها على ثقافة النجاح طويل الأمد.
3) اكتساب مهارة التفكير الإيجابي وإعمال العقل في كل أمور حياتك: ولكي تكتسب هذه المهارة، يقترح «د. إدوارد دو بونو» في الكتاب الذي شارك في تأليفه «تعلّم كيـف تفكر» مجموعة وسائل معينة على اكتساب هذه المهارة (التفكير الصحيح).. أهمها:
أ- يجب علينا أن نحدد أية مشكلة - أو أي موضوع - نتعرض لها تحديدًا لا لبس فيه، وهذا التحديد الواضح يبنى على رؤيـة المشكلة من جميع الزوايا، مع عدم إغفال جانب أو زاوية معينة بل رؤية كافة العناصر المتعلقة بهذه المشكلة، وعدم الحكم على هذا الموضوع إلا بعد تحديد إيجابياته وسلبيـاته.. وهذا النوع من التفكير يؤدي إلى توسيع مدارك العقل، ويبعدك عن الآراء الجامدة والحكم المتسرع الذي يؤدي إلى النتائج السلبية لا محالة.
ب- العمل الجاد لجمع وفحص ومراجعة جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشكلة أو الموضوع محل الدراسة قبل اتخاذ أي قرار قاطع فيها.
ج- تحديد الغايات والأهداف للموضوع أو المشكلة أو المشروع محل الدراسة، فتحديد الغايات والأهداف ترشدنا إلى الطريق الصحيح، وتقودنا إلى حل المشكلات التي تعترضنا حلًا سليمًا، حيث يوفر هذا التحديد للغايات والأهداف معيارًا يمُكِّننا من قياس أدائنا أثناء القيام بإنجاز هذا الموضوع أو المشروع، وتصحيح المسار في حال الانحراف، ومن ثم قياس النتائج في نهاية العمل.
د- وضع خطط للنتائج والعواقب: فمن الثمار المفيدة لعملية التفكير أنها تساعدك على استشراف المستقبل، وتصور النتائج الإيجابية والعمل على تحقيقها، وتصور العواقب أيضًا والعمل على تجنبها أو تقليلها.
هـ- تحديد الأولويات الرئيسية: وهذه الخطوة هامة للغاية، حيث تجعلنا نعيد النظر فيما تجمع لدينا من معلومات عن الموضوع محل الدراسة ثم نختار الأفضل من بين هذه المعلومات.
و- التفكير في كل البدائل المتاحة بين أيدينا.. وإذا لم نجد الحل الأمثل من بين هذه البدائل يجب علينا أن نبحث عن بدائل أخرى ولا نتوقف ولا نعجز، ولا ندع مجالًا لليأس أن يثبطنا ويحد من همتنا في إيجاد بدائل جديدة..!
ز- علينا ألا نهمل وجهات النظر المختلفة مع وجهة نظرنا.. بل يجب علينا أن نأخذها بعين الاعتبار، فقد يكون حل مشكلتنا كامن في إحداها..!
4) عدم توجيه كل الاهتمام إلى النجاح قصير الأمد على حساب الاهتمام بالنجاح طويل الأمد: حقًا إن الهدف الكبير إنما يأتي من خلال إنجاز أعمال صغيرة، فلا تتهاون في إنجاز العمل الصغير، ولكن عليك الحذر من الاستغراق في الأعمال الصغيرة والدخول في تفصيلاتها، والتي يمكن الاستغناء عنها توفيرًا وتحكمًا في الوقت لإنجاز الهدف الكبير، والذي يتكون من هذا الهدف الصغير وغيره من أهداف صغيرة يجب أن تنجز في أوقاتها لكي ينجز الهدف الكبير في وقته المحدد أيضًا وبالجودة المطلوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق